اللغة العربية والهوية
القومية
1_ فعل اللغة ومركزة الكينونة
إذا كانت كينونة المكان الجغرافي التي تشكّل العامل الأساس في تكوين مركزية
الانتماء القوميّ وجودًا بالقوة، فإن اللغة هي الوجود الفاعل الذي يكسب هذه
الكينونة هويتها، ويمنحها خصوصيتها و يحرّضها على إنتاج ثقافة المكان، هذه الثقافة
التي تتخذ أنماطًا لا تتناقض وشخصية الكيان، وذلك مهما تنوعت أشكال الثقافة
وقضاياها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والسياسية والجغرافية والتاريخية وغيرها
من القضايا الإنسانية التي تحتاج في تجسيدها إلى لغة تتبنى نقل الفكر من كمون
سكوني إلى حضور فاعل.
بهذه الرؤيا تكون الثقافة نتاجا معرفيًا لا تقتصر مهمتها على التقويم بقدر
ما تسعى إلى تكريس قيم المجموعات الإنسانيّة ثوابت قابلة لإنتاج عدد لا متناهٍ من
المتغيرات الفكرية والمعرفية والحضارية، و تبقى حياة هذه المتغيرات وقيمتها
وقدرتها على التوليد مشروطة بوجود لغة حيّة قادرة على احتواء نتاج كل تجربة جديدة
تختزل خلاصة الحوار والصراع والتصادم والتفاعل والتواصل، وتحفظ سلامة المنتج،
وتضمن فاعلية صلاحيته في الحاضر والمستقبل.
تكلّم علماء اللغة على تعدّد وسائل التواصل اللا ألسنية، وعلى دورها في
عملية التواصل، فكان أفضلها، من حيث التواصل الإنسانيّ و التقدم المعرفيّ
والتكنولوجيّ، أبجدية Braille
Morse))، و لم يقللوا من شأن الإشارات المنتظمة كإشارات
المرور وغيرها، أو الإشارات غير المنتظمة كالملصقات الإعلانيّة أو الإشارة العرفية
كإشارة الصليب الأحمر التي حققت تقدّمًا ترميزيًّا بارزًا؛ ولكن يبقى للغة
اللسانيّة الدور الأكثر حضورًا وأهميّة على مستوى كينونة الحضور الإنسانيّ ومركزة
فاعلية المجموعات وقدرتها على التطوير والتجديد والاستمرار والحوار من دون أن تخسر
أيّة مجموعة شخصيتها وهويتها الذاتيّة وما يتولّد عنهما من خصوصية الانتماء
القوميّ.
كشفت دراسات علماء الاجتماع عن دور اللغة القومية في تكوين شخصية الأمة،
ورأوا أنّها أهم مكون من مكونات هويتها وسيادتها، وأنّها الشرط الأساس في توثيق
العلاقات بين أبناء المتحد الاجتماعيّ، وأنّها العامل الأهم في تشكيل نهضتها
القومية؛ فهي فعل تواصل طبيعيّ وحتمي، ينتج عنه تفاعل اجتماعيّ وجودي يضاعف من
الشعور بالانتماء وبالمصير المشترك، و يحفز، في الوقت عينه، على تقوية نظام دفاعي
يحمي الجغرافيا ويصون السيادة ويعزز الكرامة، فإذا خسرت أمة لغتها خسرت أهم مكون
لوحدتها وحياتها وتمايزها وفرادة حضارتها، وخصوصية دورها في حركة كونية لا نهاية
لها، ولذلك كانت اللغة من أهم عوامل تعزيز الانتماء القومي، وتوطيد دعائم الوحدة
وما ينتج عنها من وجود حضاريّ وثقافيّ وعلميّ وسياسيّ ودوليّ بارز.
تتمايز الأمم الحية بتراث فكري وثقافي وحضاري ينقله الخلف عن السلف بلغة
قومية تحفظ إرث الأمة ونتاجها وأشكال نهوضها المعرفي والاقتصادي وطبيعة تياراتها
السياسية والاجتماعية والفلسفية وغيرها، فإذا انقطع مجتمع ما عن لغته انقطع عن
جذوره وانتمائه وكيانه المعنوي، وتغرّب عن
أصالته، وفقد قدرة التواصل مع تراثه وتاريخه؛ ولما كان التاريخ توأم الجغرافيا،
فإن جغرافية المكان عينها قابلة للتغيير والتشويه، لأن خسارة اللغة التي تحفظ
الحقائق وتصون قيم الجماعة وتعزز الشعور بالانتماء هي خسارة كبرى على مستوى الوجود
والكيان والمصير والكرامة.
إنّ وظيفة اللغة الأساس تكمن في نقل العملية الفكريّة، ضمن المجموعة
الواحدة، من رمزية التصور إلى ظاهر الصورة، فيصير المحتجب ظاهرًا خاضعًا للقبول
والرفض والتأويل والتفسير والحوار والتفاعل والخلق والتوليد، فتكون اللغة، بذلك،
مظهرًا من مظاهر النشاط الذهني، ومختبرًا لكلّ الحركات الفكرية، وحضورًا إنسانيًّا
تتمظهر من خلاله الخصوصية القيمية لهذه المجموعة التي تعارفت على التواصل بلغة
تضمن بها تأصيل وجودها الفاعل، بالإضافة إلى المحافظة على حركاتها وأنشطتها و
صراعا تها وثقافاتها وتاريخها وحضارتها، بما يؤسس لمستقبل سياديّ للأجيال القادمة،
وفق ما تفرضه شروط الكينونة ومركزية الانتماء وسمات خصوصيّة الهوية القوميّة.
تأسيسًا على ما تقدّم يمكن القول إنّ اللغة العربيّة لغة قومية حية تمايزت،
عبر تاريخها الطويل، بحضور محوريّ فاعل،
إذ استطاعت بما تتمتع به من قدرات على تبني إرهاصات الفكر، وتجسيد تجليات العقل،
وتحويل التصور الذهني من كمون سكوني إلى حركات فكرية ما تزال تؤسس لوجود عربيّ له
كينونته الجغرافية ومركزيته الحضارية، غير أن الغزو الحضاري الذي يقوده الاستعمار
الاقتصادي/ الثقافي الجديد يهدد باغتيال الوجود العربيّ الفاعل، وذلك من خلال
محاولات خبيثة تهدف إلى توجيه الاهتمام إلى لغة العولمة، والتسويق لكل وافد غريب
على أنّه ترياق الخلاص من أشكال التقوقع والتفتت والتمزق و الركود الاقتصادي
والتخلف الاجتماعيّ.
إذا كان الخلاص ، وفق ما
تنادي به العولمة، مرهونًا
بإتقان لغة الآخر وتبني عاداته وتقاليده ومفاهيمه الغريبة عن بيئتنا وتكويننا
وثقافتنا، فما هو موقع اللغة العربيّة قي نفوس أبنائها؟ وما هو مستقبل الثقافة
العربيّة في واقع يتسابق فيه المثقفون العرب،عن قصد أو غير قصد، إلى التقليل من
شأن اللغة العربيّة، والدعوة إلى الاستعاضة عنها بلغة أجنبية تضمن للإنسان العربي
عملية التواصل المعرفيّ والتقنيّ؟ وبماذا
يحلم اللاهثون وراء دعوات التقليل من شأن لغتهم؟ وما هي هوية ما ينتجونه من أفكار؟
و هل العجز كامن في اللغة العربيّة أم في إحساس الإنسان العربيّ الضعيف والمتخاذل؟
2_الواقع
العربي/ التحدي والتشظي
تكشف عملية رصد دقيقة لحركية المجتمعات العربية خطورة الواقع العربيّ
المأزوم، سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا وحضاريًّا وإنسانيًّا، بوصفه واقعًا
مشحونًا بالمتناقضات والمنازعات الداخلية والضغوطات الخارجيّة المتعددة المصادر
والأهداف، والتي تُندرج تحت عنوان كبير يرمز إليه بكلمة العولمة التي تتمظهر في بعدين
اقتصادي وحضاريّ يخفيان مقاصد ثقافية وسياسيّة وإقليمية واجتماعيّة غايتها فرض
حالة من التشظي الاجتماعي والوجودي والنفسيّ والكياني، وبخاصة في المجتمعات
العربيّة.
تصطدم المجتمعات العربيّة ،يوميًّا،
بصعاب وتحديات تفرضها عولمة اقتصادية في
ظاهرها، وثقافية/حضاريّة في غاياتها وأبعادها، لأنّ هدفها الرئيس إضعاف الانتماء
القومي و السيطرة فكريًّا وثقافيًّا وحضاريًّا على مقدرات هذه الشعوب، وتحويل
مجتمعاتها إلى أسواق استهلاكية، ومن ثم جعلها حقول تجارب عسكرية وكيمائية، من دون
أن تغفل قوى الاقتصاد العالميّة اهتمامها بالأفراد المتمايزين فكريًّا وعقليًّا
وترويض قدراتهم من أجل خدمة مصالح الغزو بكلّ أشكاله وأنواعه.
إذا كان تشجيع العناصر المتمايزة على الهحرة مصحوبًا بالاغراءات المعرفيّة
والمادية، فهو في الوقت عينه موجه ومبرمج من أجل القضاء على أيّة رغبة في
تعزيز الانتماء القوميّ،وبضعف الانتماء
القومي تقلص نسبة احتمال حدوث نهضة قومية
تتبنى توعية المجتمعات وتخليصها من حالة التخلف والتبعية؛ وعندما يصير الإنسان
العربيّ محكومًا بفتات العيش وتقبض عليه الحاجة، تدفع به غريزة البقاء إلى قبول الواقع
، فيصير مدافعًا عن شروط العولمة
الاقتصادية/ الثقافية، وخادمًا أمينًا لمصالحها التي تجعل منه رقمًا مهملاً في
المعادلة الكونية الجديدة، بعد أن ينقطع عن جذور انتمائه وأصالته.
إنّ هذا الواقع العربيّ المضطرب، والمرصود على المطامع الاستعماريّة،
والخاضع، شاء أم أبى، لعولمة ممنهجة، ما
كان ليهدد بالتصدع والتمزق، لو استطاع
العرب أن يحافظوا،أولاً، على مناعة قيم قادرة على ردع تسلل سلبيات العولمة إلى
تكوينهم الثقافي والقيمي، وأن يتصدوا ،
ثانيًا، لمخاطر انتشار أمراضها المعدية، وأن يحرصوا ، ثالثًا، على الاستفادة من
إيجابياتها التي لا تتناقض وطبيعة التكوين الجغرافي والجيني والحضاريّ.
يقترن تحقيق الفرضيات السابقة بوجود وعي قوميّ يعزّز الثقة بالنفس، ويحرّض
على خلق حوار حضاريّ مع الآخرقوامه، إلغاء
أية دعوة إلى التبعية الثقافية والتقانية،
والإيمان بالتعددية والاختلاف، والإعتراف بخصوصية التنوع الثقافيّ
والحضاريّ، واحترام مقومات الهوية
القوميّة المادية والمعنوية للشعوب المتحاورة.
مما لاشكّ فيه أنّ الوعي القوميّ
يكرّس حرية التفكير والمعتقد حقًا طبيعيًّا للشعوب، وينشّط، في الوقت عينه، عمليات الحراك السياسيّ والتطور الاجتماعيّ
والثقافيّ، وبالحراك الثقافيّ تفرض اللغة القومية نفسها عاملاً رئيسًا في إنتاج
الحضارة؛ غير أنّ الواقع العربيّ المستلب والقابع تحت تراكمات من القهر والتحديات
ومحاولات الإلغاء يشي بغربة المواطن العربيّ، وبتراجع الشعور بالانتماء القوميّ، ووبزعزعة
مقام اللغة العربيّة وبإضعاف دورها الحضاريّ،
فهل سيصير المثقف العربي رقمًا تابعًا في معادلات الحركات الثقافية والعلميّة والحضاريّة الكونيّة؟ وما هو مستقبل
اللغة العربيّة في فضاء معولم مشحون
بالتحديات؟
تفرض رغبة البقاء الماديّ والبروز الاعلاميّ على بعض الطامعين
والطامحين أن يتبنوا أفكارًا مستوردة
تجعلهم يبالغون في رسم الواقع العربي
المأزوم والمتوتر على المستوى الثقافيّ
والاجتماعيّ والسياسيّ والحضاريّ والإنسانيّ، فيؤكد بعض متصدري الساحات الثقافية
العربيّة أنّ اللغة العربيّة عاجزة عن التطور العلميّ والتقنيّ، فكثرت الحملات
الدعائية المطالبة بالتخلي عن اللغة العربيّة الفصيحة، وبالدعوة إلى تبسيط النحو
العربيّ، وتحريره من صرامة القوانين الصرفيّة والنحويّة.
غالى بعض مدرسي اللغة العربيّة في تصوراتهم وتحليلاتهم فطعنوا بمنطقية
القوانين النحوية والصرفية التي استنبطها علماء عرب وغير عرب كان لهم وجود فاعل في
ميادين العلوم والفكر ، وبالغ المثقفون في استخدام لهجات عامية، لم ينج منها متلقو
علوم اللغة العربيّة في الجامعات والمعاهد، وبخاصة بعد أن استباح الإعلام العربيّ حرمة القوانين اللغوية، وأوجد
نوعًا من الرضى والقبول بالتدهور اللغويّ، وفرض حضورًا لغويّا سالبًا على مستوى
التأسيس المعرفيّ.
حرص الإعلام العربيّ، وكذلك المؤسسات التربويّة،
على الإساءة المباشرة إلى اللغة القوميّة، بتغطية سياسيّة يعمل على فرضها وترويجها بعض العاجزين عن فهم
طبيعة اللغة العربيّة، وبعض اللاهثين وراء بورصة المراكز التي تُسعّر أسهمُها
بإراقة ماء الوجه أمام ذوي السلطة، وبعض الضعفاء الذين يتخيلون صعلكتهم وانسحاقهم أمام كلّ أعجميّ كبرًا؛( لا تعني
كلمة الأعجميّ الآخر المختلف بقدر ما تعني
الشيء الغريب الغامض )، والسبب كامن في شعور هؤلاء المتزحلقين بالضعة أمام كل جديد
ملتبس الفهم، نتيجة انعدام الثقة بالذات وغياب المحاكمة العقلية التي تساعدهم
على إخضاع الوافد للفحص والتحليل، وكذلك بسبب غياب الوعي القومي الذي يقوّي مناعة
المثقفين، ويوقف تشظي الشعور القوميّ،
وحالة التبعية في معظم المجتمعات العربيّة.
فرضت التبعية واقعًا ثقافيًّا يفتقر إلى عناصر تحرص على التمسك بمركزية الجاذبية القوميّة، ومن المؤكد أنّ غياب
العناصر الفاعلة على مستوى التحريض القوميّ يهدد بخسارة الفعل المقاوم، وبضياع
قضية الانتماء، فتتحول فرضيات الغزو الثقافي إلى ثوابت تتقبلها الشعوب من دون
ممانعة، فتُحرف الحقائق، و تُنتهَك
الجغرافيا، وتُقزَّم الهوية وتُلغى
المعايير العلميّة، ليحلّ مكانها الشخصانيّة والاستنسابيّة، لأنّ الجودة ليست
شرطًا في عملية الإنتاج؛ وإنّما النفعية والخدماتية على المستويات جميعها، وبخاصة
على المستوى الأدبيّ الذي غابت عنه القيمة الإبداعية، وحلّ مكانها غوغائية الدلالة
المقرونة بالضعف اللغويّ الذي صار عند بعضهم
ميزة العباقرة والمبدعين، وإذا أظهرَ مثقف حقيقي حرصه على اللغة العربية،
نُعت بالتخلف والأصولية والجهل، لأنّ التطور اللغويّ، في رأي هؤلاء، مقصور على
استباحة حرمة القوانين وتلويث فضاء اللغة، الذي ظهرت نتائجه السلبية في استخدام
اللغة العربيّة، وتسلل الضعف إلى مختبراتها وأدواتها، وأنساق نتاجها في شتى أنواع
العلوم والمعارف.
من المؤكد أن الفضاء الثقافي العربيّ ما زال نابضًا بفاعلية بعض المثقفين
العرب الساعين، دائمًا، إلى تعزيز دور
اللغة العربية، لأنّها تشكّل عامل وحدة بين بنيات المجتمعات العربيّة المتباعدة،
وبها تُصان الهوية الثقافية العربيّة من الضياع والتذرية ، وبها تُشحذ الهمم
لمواجهة هجمات التحدي والإلغاء، لأنّ اللغة مختبر إنتاج معرفيّ لا يقوم بذاته بل
بطاقات العاملين على تطوير أدواته وتفعيل مواده واحترام قوانينه، فاللغة العربيّة،
في رأي بعض المبدعين العرب، ما زالت تحتفظ بفاعلية فكرية حياتية حركية أمامية لا نهاية لها، فإذا توقفّت الحركة
فسُدت الأدوات وتعطلّت فاعلية المواد التوليديّة.
تطرح القراءة المنطقية لأنساق الثقافة في الوطن العربيّ وموقفها من اللغة
العربية أسئلة كثيرة يمكن اختزالها في سؤال مركزي هو:هل يستطيع الإنسان العربيّ
المهزوم من الداخل أن يحرص على حماية طاقات اللغة، وهو يعيش حالة
استلاب تمنعه من التصدي لهذا الكم الهائل من الصعوبات والتحديات والإغراءات؟ وهل
هو راغب في أن يعيد إلى الفضاء الثقافيّ سيادة اللغة العربيّة؟
3_قرصنة الفضاء الثقافي العربيّ/ الإغراء والإلغاء
حققت اللغة العربيّة، في حقبة مضيئة من التاريخ، وجودًا معرفيًّا فاعلاً،
وتمايزت بسيادتها على فضاء ثقافيّ أغنته بأدوات الخلق وأثرته بإرثّ إنسانيّ ّ
أنتجته عقول مفكرين وعلماء وأدباء وفلاسفة ومناطقة وغيرهم من رجالات العلم والأدب،
فكانت فعل تواصل معرفيّ حرّض على التفاعل
الفكريّ /الحضاريّ، وأنتج تراثًا عالميًا،
كان له دور إيجابي في حركية العلوم وتطورها، فجسّدت هذه اللغة،بالإضافة إلى رمزها
القوميّ، رمزًا إنسانيًّا ومعرفيًّا، سعى
إلى الاعتزاز به مثقفون عرب وغير عرب، تنافسوا في كشف أسرار تراكيبها، وعملوا على
استنباط قوانينها، وصارت خيارًا واعيًا لابدّ منه لمريدي المعرفة، ولقد روى ابن
عساكر في تاريخ مدينة دمشق أنّ:" عبد الملك بن مروان سأل رجلاً دخل عليه: أمن
العرب أنت أم من الموالي؟ فأجاب الرجل.. يا أمير المؤمنين... إن تكن العربية أبًا،
فلست منها، وإن تكن لسانًا فإني منها. قال عبد الملك ...صدقت".
تشير هذه الرواية إلى أمور كثيرة لعلّ أبرزها رغبة غير العرب في إتقان هذه
اللغة، بوصفها الفضاء الفكريّ الحر الذي تلاقت فيه حركات الفكر العالميّ كلّه،ثمّ
تفاعلت لتنتج حضارة إنسانيّة ينتمي إليها عرب وغير عرب، مسلمون وغير مسلمين، فكانت،
بحق وجدارة، فعل كينونة وفضاء انتماء.
حققت اللغة العربيّة،إذًا، وجودًا
حضاريًّا ودورًا رياديًّا، فنشرت المعرفة
في معظم أصقاع الأرض، وكان لها فضل في حفظ العلوم وتطوير أدوات الخلق الفني، وهي
قادرة اليوم على تبني نظريات المعرفة الحديثة إذا استطاع أبناؤها أن يردعوا هجمات
الغزو الثقافي المعولمة، ويعملوا على إحياء الخصوصية القومية التي تساعدهم في
استعادة ثقتهم بانتمائهم، و فهم دورهم الكياني والوجوديّ ، وهذا مشروط
بتحررهم من سلطة الآخر ومن وهم الحداثة التي ألبسوها أثوابا ليست لها، فالحداثة
قديمة قدم التكوين العقليّ، ولا تعني التخلي عن الموروث بل التأسيس عليه والعمل
على تفعيل الجوانب الحية بوعي تام للثوابت والمتغيرات المستجدة على
مسرح الوجود والفاعلية، فالحداثة تجسّد
استجابة العقل الإنسانيّ المبدع للتطور الطبيعيّ والحتمي،وهذه الاستجابة لا
تحقق ذاتها إلاّ في فضاء لغويّ قوميّ معافى من تشويش التحديات ومحاولات الغزو.
عرفت المجتمعات العربيّة ضغوطات
سياسيّة و إغراءات اقتصادية وثقافيّة،غايتها التضليل والإلغاء، وكان للغة العربية
النصيب الأوفر من حملات التشويش ، ولكنّ الشعور القوميّ تصدّى لمعظم هذه الهجمات، ولم يتخل العرب عن
لغتهم على الرغم من محاولات استعمارية متنوعة سعت على مدى قرون إلى فرض لغة الدولة
المستعمرة، لأنّ المفكرين والمثقفين العرب آمنوا باللغة العربيّة أداة تواصل قومي
وتفاعل حضاري، فرسخّوا دورها، ورفضوا
نعتها بالعجز عن مواكبة التمدن، ورأى المعلم
بطرس البستاني أنّ الذين يدّعون بأنه لا يمكن التمدن تحت ظلال اللغة
العربية، لا يعرفون مقدار فضل هذه اللغة، و فاتهم أن تمدنها أقرب وأسهل وأفعل من
تمدن أبناء العرب تحت تأثير لغات أجنبية متنوعة، ولكن هل يستطيع العرب،اليوم،
تعطيل نتائج الغزو الأكثر إغراء، في واقع
عربيّ أقل مناعة ومقاومة؟
تظهر عمليات الرصد والإحصاء أنّ الغزو المبرمج على فضاء الثقافة العربيةّ أوجد
تداعيات وطنية وقومية، تجلت في رضوخ العرب وصمتهم وتبعيتهم، فهم أقل خوفًا على
المصير، وغير معنيين بالتراث، وغير مهتمين
بغيابهم عن مسرح الكينونة القومية والإنسانية، وغير مكترثين بانعدام الفعل
الحضاريّ العربيّ، و تهميش دور اللغة العربيّة التوليدي/ الحضاريّ، لأنّهم
استسلموا إلى إغراءت مفرّغة من كل قيمة، فأسهموا في القضاء على الشعور القوميّ، وفي فرض ثقافة مستوردة لا
علاقة لها بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، ثقافة تزرع التفرقة وتؤجج الخلافات وتغري
بانتماءات عرقية ومذهبية وطائفية و مناطقية، غايتها تفتيت الطاقات وتكريس حالة من الاغتراب بين الإنسان
وتراثه.
اتخذت التداعيات القوميّة أشكالاً وأنماطًا متنوعة، وكان
أخطرها، في رأيي، دعوة بعض مدرسي اللغة
العربية في بعض الجامعات إلى اعتماد اللهجات المحلية في أثناء إلقاء محاضراتهم،
وبالغ بعضهم في الدعوة إلى تحرير اللغة العربيّة من قيود الحركات الإعرابية رغبة
منهم في تيسير النحو، وعلّلوا ذلك بأن حركات الإعراب لا علاقة لها بفهم موقع
الكلمة في السياق، و لا يساعد على إدراك كون الكلمة فاعلاً أو مفعولاً؛ لأنّ الذي
يُحدّد ذلك المتحدث.
تظهر القراءة التأويلية لمطالب
هؤلاء المدرسين أنّ العقل العربيّ يعاني حالة من انعدام المنطق في المفهوم،إذ غاب
عن إدراكهم أنّ النحو لا يعطي الكلمة موقعها
في السياق وإنّما الفكر، فلو علم المتحدث أن هذه الكلمة وقعت فاعلاّ لما
عجز عليه أن يوسم أخر الحرف بعلامة الرفع، فالمشكلة ليست في النحو، بل في العقل
العربي الذي يعجز عن إدراك العلاقات التي تتحكم في إنتاج الخطاب؛ لأنّ الإدراك
العقلاني لقيمة الكلمة الدلالية في الخطاب
يضمن سلامة أدائها النحويّ ، لذلك ارتبط إنتاج اللغة بالفكر الذي يحوّل ظاهر المرئيات المنبثقة عن
تجليات الفكر ألفاظًا تشير إلى المعنى
الحاصل في العقل أي "الصورة الحاصلة في الأذهان عن الأشياء الموجودة في
الأعيان"؛ كما قال القرطاجني.
إن اللغة التي لا يحكمها العقل بل تتحكم بالعقل هي لغة انفعالية لا تنتج
ثقافة حياة لذلك يجب أن تستعيد اللغة العربية خصائصها المنطقية وقدراتها على تدوين
العلوم والمعارف والحقائق، فتخاطب العقل قبل أن تستجدي العاطفة الجماهيرية، فيكون العمل على تدعيم مركزية الانتماء وتعزيز دور اللغة النفسي
والمعنوي والفكري والاجتماعيّ، بما يضمن معالجة قضايا اللغة
ويصونها من أهداف الهجمة السياسية والعسكرية والحضارية والثقافية، ويوقف
مخططات الإغراء والإلغاء، ويخلّصها من الاغتراب القوميّ.
4_اللغة
العربية والاغتراب القومي
إذا كانت حكومات الدول المتقدمة تحرص على تعزيز الدور القومي للغة الأم بعد
ما استشعرت خطر التيه الأميركي الهادف إلى فرض حالة من التبعية الفكريّة والثقافيّة،
فأمدّت مراكزها الثقافيّة في العالم بدعم ماديّ ومعنويّ لتعليم اللغات، ولذلك شهدت
مدن عربية كثيرة دورات لتعليم اللغات كالفارسية، والتركية والصينية والاسبانية
والايطالية والفرنسية والروسسية وغيرها من لغات الأمم الحيّة، فما هي الإجراءات
التي قدّمتها الحكومات العربية لتصدّ بها هجمات التغريب والإلغاء؟
لقد نصت دساتير الدول العربية على اعتماد اللغة العربيّة لغة رسمية، وهذا
يفترض تعزيز دور اللغة العربية بوصفها لغة
قومية تضمن التواصل وتحفظ خصوصية الانتماء القومي، وتختزن التراث العربيّ، غير أنّ ما تشهده الساحات الثقافية على امتداد الوطن العربي يعكس مخاطر أزمة الاغتراب المفروضة على اللغة
العربيّة الفصيحة، هذه اللغة المُبعدة عن
فاعلية التداول الثقافيّ، بعد أن تصدّرت اللهجات المحلية أو اللغة الإعلامية
البيضاء الخطاب الثقافي والتعليمي في المنتديات الفكريّة و المعاهد والجامعات
ووسائل الإعلام، وصار استخدام اللغة السليمة الفصيحة مبعث استهزاء، جعلت من المتخصصين
في اللغة العربيّة وآدابها أقلّ شأنًا في معظم الدول العربيّة، وأقل حظًا في
الحصول على عمل، بعد أن تخلت المؤسسات التربوية عن دورها القوميّ بتشجيع، أو بغض
الطرف من بعض القوى السياسية العربيّة.
لقد استهدفت الهجمات الثقافية
الأصالة والانتماء، وركّزت على اغتيال الفكر العربيّ، وعلى تصدع البنية الثقافية،
وعلى خلق اضطراب في شخصية المثقف العربي، بغية تعميق الخلافات وتراكم التداعيات و
المعوقات الداخلية، فنتج عن ذلك فقدان
الثقة بالنفس، و التخلي عن الأصالة التراثية، واغتراب حقيقيّ عن اللغة العربية
الفصيحة ، بالإضافة إلى تشوه الشخصية
القومية وتفتيت دعائم الوحدة، وتعزيز التفرقة الدينية والتنكر لكلّ ما هو عربيّ،
مع كل ما يرافق ذلك من تعظيم لأيّ وافد،
فإذا كانت العولمة الثقافيّة تدعو إلى
تحطيم القيم وتعميق الأزمات بين الإنسان
العربي ولغته، و التعويض عنها بقيم سلبية، فلقد حققت أهدافَها في واقع عربيّ مفكك
ومهزوم يجرجر انتكاساته القومية، ويراكم هزائمه المعنوية، ويرسخ تخلفه وتبعيته
حداثة وتجديدًا مزيفين.
إنّ التجديد والحداثة من طبيعة الحياة،
والحداثة اللغوية العربيّة لا تكون بفهم خاطئ للحداثة، بل بتحقيق ارتباط منطقيّ بالتراث؛
أي ارتباط أصالة لا ارتباط قداسة، وبفرض علاقة واعية مع الوافد، أي علاقة حوار لا
علاقة استزلام، لتتم الموازنة بين الموروث والوافد، أي بفحص الوافد، وفرز الموروث ، وتلقيح ما هو قابل
للتطوير بما هو صالح لطبيعتنا وتكويننا ومفاهيمنا، غير أنّ غياب هذه المعايير ساعدت على تشظية الشعور القوميّ، وأسهمت في
تعدد أسباب التقصير في معظم المؤسسات العلميّة والأكاديميّة وبخاصة في أقسام اللغة
العربية التي تخلت عن دورها في تعزيز مكانة اللغة العربية وفرض اللغة الفصيحة لغة
الخطاب بين الأستاذ وطلابه، من دون أن
نهمل الدور السلبي الذي تؤديه مجامع اللغة
العربيّة التي تقدم رعاية خجولة إلى التراث اللغوي، لأسباب كثيرة منها ما هو معلوم
وأكثرها في ذمة غياب المنهج العلمي المنطقي الذي يعيد إلى اللغة العربية علاقتها
بالفكر المنطقي والعقل الخلاّق، ويبشر بمستقبل أفضل للغة العربيّة وبالتالي للفكر
العربيّ.
5_اللغة العربية والمستقبل العربيّ
فاقت اللغة العربية معظم اللغات التي اقترضت منها، وأقرضتها، فكانت أكثر
اللغات السامية جمالاً وتكاملاً في الصورة الصوتية ولقد أورد ابن الأثير قصة تختزل
تفوق اللغة العربية، فقال: " حضر عندي في بعض الأيام رجل من اليهود، وكنت في
الديار المصرية، وكان لليهود في هذا الرجل اعتقاد لمكان علمه في دينهم وغيره، وكان
كذلك، فجرى ذكر اللغات، وأن العربيّة هي سيدة اللغات، وأنها أشرفهن مكانًا،
وأحسنهن وضعًا، فقال ذلك الرجل: كيف لا تكون كذلك وقد جاءت آخر، فنفت القبيح من اللغات
قبلها، وأخذت الحسن، ثم إن واضعها تصرف في جميع اللغات السالفة فاختصر ما اختصر،
وخفف ما خفف، فمن ذلك اسم الجمل، فهو عندنا في اللسان العبراني( كوميل) ممالاً على
وزن فوعيل، فجاء واضع العربية وحذف منها المستبشع، وقال جمل، فصار خفيفًا
حسنًا"( ابن الأثير،المثل السائر، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد،1/191.).
إن كلام اليهودي على الرغم مما
يحمله من شعور بقدم اللغة العبرية وأسبقيتها، فإنه إقرار صريح يؤكد تفوق اللغة العربيّة في صيغها الصرفية والصوتية،
ويظهر تمايزها بالتكافؤ والانسجام والمنطق والجمال ، ويشير في الوقت عينه إلى قدرتها على
الاقتراض والاكتساب والتطويع وتحقيق التبادل المعرفي بين العرب وغيرهم، وتظهر حرص
العرب على إثراء اللغة مع المحافظة على خصوصية الهوية الثقافيّة القوميّة،
فاقترضوا ألفاظًا فرضتها ضروروات التفاعل الفكري بين العرب وغيرهم من الأمم، وصارت
هذه الألفاظ من مكونات المعجم اللغويّ العربيّ، وفي نسيج الخطاب العربيّ بعد أن
أخضعوها لقوانين الصرف والنحو. ولم تقف
عملية الاقتراض عند الأخذ من الآخر بل كان لهذه اللغة من المرونة والأصالة ما سمح
لأمم غير عربية أن تستقرض عددًا كبيرًا من
المفردات التي ما تزال حية في المعاجم والاستخدام.
إن التبادل الثقافي بين العرب وغيرهم، اليوم، غير متكافئ لأنّ العالم العربيّ
يكتفي بنقل فكر الآخر وتحويل ساحاته الثقافية إلى ساحات مزاد تستهلك ما يعرض عليها
من مواد وافدة لا تعرف قيمتها إلا بالقدر الذي يصل إلى الأذن من التوصيف السطحي
للسلع الفكرية المعروضة والتي تسيء ،لا إراديًّا، إلى بنية الثقافة العربيّة، فانشغل المثقفون العرب بالكلام على أهل الفكر
والعلم ونتاجهم الفكري من دون أن يكون لهم رأي أوموقف محدد من أفكارهم وآرائهم،
فأوغلوا في التبعية، وتنكروا لتراثهم اللغويّ المشحون بالقدرات والطاقات القابلة
للتجديد.
إن الخلاص من حالة التبعية بلوغ حالة الشفاء من الشعور بالضعة وجلد الذات
مشروط بإحداث صدمة ثقافية يسترد بها
الإنسان العربي وعيه القوميّ، فيتخلص من القلق والاضطراب
ويخرج على البلادة القاتلة، ويسعى إلى تحسين الواقع، وتقوية المناعة، وتعزيز فعل
اللغة العربية المقاوم،ويكون النهوض بتعليم اللغة العربية على أسس منطقية بعيدة عن
التلقين والببغاوية بما يضمن تحريض العقل
على الإبداع وتحرير الفكر من جمودية الصياغة اللغويّة، فتستعيد اللغة قدرة نقل
الأفكار وتتخلص من إطلاق عبارات ومصطلحات غير واضحة أو مفهومة، وهذا يتطلب تفعيل دور اللغة باللغة نفسها، لتستعيد قدرتها على
الاقتراض والاكتساب والتطويع فتصير المفردات الوافدة جزءًا من القاموس العربيّ
بعد إخضاعها لقوانينن الصرف والنحو، وفي هذا المجال لا بد من التنويه ببعض المؤسسات الثقافية العربيّة التي نجحت في استخدام المفردات غير العربية ووضعها في حيز الاستخدام والتداول العلميينن مثل؛ الدبلجة_
_الأتمتة_ الانترنيت، كبتر_ الفاكس_ التلفزة، البرامج المتلفزة_ من دون أن يسيء
هذا الاستخدام إلى التكوين اللغويّ.
تشكّل اللغة العربيّة المكوّن الأساس لوجود المجتمع وترسيخ ثقافة الكيان
والجغرافيا، وهي العامل الرئيس في تطور الذات العربية من الداخل وتخلصيها من عقدة
الدونية، ومن تعظيم كل وافد غريب، وبها يكتسب العقل العربيّ نشاطًا لا حدود له، وبالنشاط العقلي عينه تكتسب
اللغة حياة وخصبًا ونماء، لأنّ العلاقة بين اللغة والعقل علاقة تلازم وتكامل،
وبهذه العلاقة تتم عملية تجسيد إشارات
الفكر حركات لا تنتهي، تتواصل وتتقاطع في مركزية تفاعل كيانيّ، غايته التواصل
والتفاهم من أجل تكريس واقع حضاريّ مرتبط
بالأصل بقدر ما ينبئ عن حركية الحاضر ويؤسس للمستقبل.
6_
اللغة
العربية /هوية انتماء
لما كان التطور الإنسانيّ مشروط
بالاتفاق المسبق على لغة تتبنى تجسيد هيولى الفكر ، فإنّ عملية التطوير التي يسعى
إليها قوم ما، في بقعة جغرافية ما، مرتبط بقدرة المجموعات على التواصل الفكريّ
الخاضع في إنتاج المتغيرات لمجموعة من المعطيات والعوامل التي يوازن بينها منطق عقلي تتجلى فاعليته في
منطوق لغويّ يفصح عن مرتبة العقل وعن مسارات حركته وعن فاعلية قدرته؛ فلا قيمة
لمكان من دون لغة تفصح عن أعجمية السكون وتتبنى نقل شيفرات التجارب
الانسانية بوضوح وصدق وشفافيّة، لأن اللغة تحفظ
شخصية المكان المعنوية، وتصون تراثه وتاريخه من الضياع، فهي، إذًا، ضمانة للكيان من التفتت
و التشظي .
إن اللغة العربية لغة إنسانية قادرة على إثبات ذاتها وفرض دورها وموقعها
في امبراطورية اقتصادية جديدة تسعى إلى عو لمة الثقافة، وذلك إذا استعاد
الانسان العربي أصالته وأعاد إلى لغته طاقاتها وقدراتها الاكتسابية التطويعية والتدوينية،
وأحيا قوانينها الصرفية والنحوية، بما يضمن سلامة المنتج العقليّ وجعله، بفعل اللغة ،حضورًا محوريًّا بين حضارات
العالم وثقافاتها، فيتمكن الانسان العربيّ أن يطأ الهزيمة بمنتج لغويّ يؤسس لثقافة الحياة والجغرافيا والكينونة ويرسخ
مركزية الانتماء القومي، ويرسم مسارات
الحركات الفكرية وأشكال التفاعل الحضاري والثقافيّّ. فهل ستستعيد اللغة العربية دور ها الحضاري المقاوم وتكرّس
الهويات العربيّة إنتماءً قوميًا؟
أ.د. مها خيربك ناصر
أستاذة النحو والصرف والنقد الحديث والدراسات
العليا
الجامعة اللبنانيّة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق